Makaleler

تحقيق «سبب الانكفاف عن إقراء الكشاف» للسبكي

İlgili eserin tercümesini okumak için buraya tıklayabilirsiniz.

 

كتاب

«سبب الانكفاف عن إقراء الكشاف»

لشيخ الإسلام تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي

المتوفى سنة: (756 هـ)

ترجمة المصنف[1]

 اسمه ونسبه

هو الشيخ الإمام الفقيه المحدث الحافظ المفسّر المقرئ الأصـولي النحوي شيخ الإسلام قاضي القضاة تقي الدين أبو الحسن: علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام السبكي المشهور بـ«تقي الدين السبكي».

مولده ونشأته

ولد في ثالث صفر، سنة ثلاث وثمانين وست مئة. وتفقه في صغره على والده، وكان من الاشتغال على جانب عظيم، بحيث يستغرق غالب ليله وجميع نهاره، فكـان يخرج من البيت لصلاة الصبح، فيشتغـل على المشايخ، إلى أن يعود قريب الظهر، فيجد أهل البيت قد عملوا له طعـاماً، فيأكله ويعود إلى الاشتغال، إلى المغرب، فيأكل شيئاً حلواً لطيفاً، ثم يشتغل بالليل وهكذا لا يعرف غير ذلك.

مشايخه

تتلمذ المصنف على جماعة من كبار العلماء، وأخذ عن كـل واحـد منهم ما برع فيه، وتميز به:

فتفقه على الفقيه نجم الدين ابن الرفعة.

وقرأ الأَصْلَيْن وسائرَ المعقولات على الإمام النظار علاء الدين الباجي.

وأخذ المنطق والخلاف عن سيف الدين البغدادي.

 وأخذ التفسيرَ عن الشيخ علم الدين العراقي

 والقراءات عن الشيخ تقي الدين ابن الصائغ

والفرائض عن الشيخ عبد الله الغماري المالكي

– والحديث عن الحافظ شرف الدين الدمياطي، ولازمه كثيراً، ثم لازم بعده وهو كبير: إمام الفن الحافظ سعد الدين الحارثي.

 وأخذ النحوَ عن الشيخ أبي حيان.

 وصَحِبَ في التصوف الشيخ تاج الدین ابن عطاء الله.

وسمع من مشايخ كثيرين غيرهم بالقاهرة والإسكندرية ودمشق.

 مـصنـفـاتـه

قال الحافظ ابن حجر: وكان لا يقع له مسألة مستغربة أو مشكلة إلا ويعمل فيها تصنيفاً يجمع فيـه شتاتها، طال أو قصـر، وذلك بين في مصنفاته[2].

ومن نظر في مصنفاته التي سردها ولده تاج الدين في طبقات الشافعية علم صحة ما قاله الحافظ[3]، وقد طبع كثير من هذه الرسائل والكتب ضمن كتاب «فتاوى السبكي»

ونذكر هنا بعض الكتب التي ذكرها ولده تاج الدين غير الموجودة في الفتاوى

(1) «الدُّرُّ النظيم في تفسير القرآن العظيم» لم يكمل

(۲) تكملة «المجموع في شرح المهذب»، بَنَى على النووي رحمه الله، من باب الربا، ووصل إلى أثناء التفليس

(3) «الابتهاج في شرح المنهاج للنووي»، وصـل فيه إلى أوائل الطلاق، ثم أكمله ابنه بهاء الدين أحمد

(4) «الإبهاج في شرح المنهاج للبيضاوي»، عمل منه قطعةً يسيرةً، ثم أكمله ابنُه تاج الدين

(5) «كتاب التحقيق في مسألة التعليق»، وهو الـرد الكبير على ابن تيمية في مسألة الطلاق

(6) «رافع الشقاق في مسألة الطلاق»، وهو الصغير

(۷) «شفاء السقام في زيارة خير الأنام»، وهو الـرد على ابن تيمية، وربما سمِّيَ: «شن الغارة على من أنكر السفر للزيارة»

(۸) «السيف المسلول على من سب الرسول صلى الله عليه وسلم»

(9) «الاعتبار ببقاء الجنة والنار»

(۱۰) الكلام على حديث: «إذا ماتَ ابنُ آدمَ انقطعَ عملُه إلَّا مِن ثَلاثٍ»

وغيرها من المؤلفات النافعة التي تدل على سعة علم هذا الإمام الجليل

 وفـاتـه

توفي رحمه الله تعالى في الثالث من جمادى الآخـرة سنة ست وخمسين وسبع مئة بظاهر القاهرة، ودفن بباب النصر.

نسخة كتاب سبب الانكفاف عن إقراء الكشاف

ذكر الإمام جلال الدين السيوطي هذا الكتاب بجملته في كتابه الجليل: «تحفة الأديب في نحاة مغني اللبيب» في ترجمة الزمخشري

وقد عثرنا من كتاب «تحفة الأديب في نحاة مغني اللبيب» على نسخة واحدة في مكتبة شهيد علي باشا في تركيا برقم (2352)

وهي نسخة غير كاملة، تبدأ من أول «تحفة الأديب» وتنتهي إلى ترجمة «ابن السراج»، وليس عليها اسم ناسخها، وتاريخ النسخ، ويقعُ كتاب «سبب الانكفاف عن إقراء الكشاف» فيها بين ورق (317ب-319أ)

النص المحقق

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ لله الذي هدانا بنبيِّه محمدٍ، وأحسنَ عاقبتَنا به وأحمدَ، وشرَّفنا باتِّباعه وأسعدَ، ورفعَنا فوقَ كثيرٍ مِن خَلْقه وأصعدَ، ووَفَّقنا بسُنَّته إلى أقوم مقصدٍ، صلَّى الله عليه وعلى آله ما أتْهمَ رَكبٌ وأنْجدَ، ولاحَ قمريٌّ وغرَّدَ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا لا يَبيدُ ولا ينفدُ

وبعدُ فإنَّ كتابَ الزمخشريّ كنتُ قرأتُ منه شيئاً على الشيخ عَلَمِ الدين عبد الكريم بن عليّ المشهور بـ«العِراقيِّ»[4] في سنة: اثنتين وسبع مئة، وكنتُ أحضرُ قراءتَه عندَ قاضي القضاة شمس الدين أحمد السَّروجيّ[5]، وكان له به عنايةٌ ومعرفةٌ

ثم لمْ أَزَلْ أسمعُ دروسَ «الكشَّاف» المذكور، وأبحثُ فيه، ولِي بيه غَرامٌ؛ لِما اشتمل عليه مِن الفوائد والفضائل التي لم يُسْبَقْ إليها، والنُّكَتِ البديعةِ والدقائق التي تقرَّ العيونُ عليها، وأتجنَّبُ ما فيه مِن الاعتزال، وأتحرَّجُ الكدر، وأشربُ الصفوَ الزلالَ، وفيه ما لا يُعجِبُني مثلَ كلامِه في قوله تعالى: ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ﴾ [التوبة: 43]

وطلبَ منِّي مرَّةً بعضُ أهلِ المدينة نسخةً مِن «الكشاف»، فأشرتُ عليه بأن لا يفعلَ حياءً من النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أن يُحْمَلَ إليه كتابٌ فيه ذلك الكلام

ثمَّ صار هذا الكتابُ يُقْرأ عليَّ وأنا أبقرُ عن فوائده وأعوم به حتى وصلتُ إلى تفسير سورة «التحريم»، وقد تكلَّم في الزَّلَّة، فحصل لي بذلك الكلامِ مغصٌ

ثم وصلتُ إلى كلامِه في سورة «التكوير» في قوله تعالى ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ﴾ إلى آخر الآية [التكوير: 19]: ــ والناس اختلفوا في هذا الرسول الكريم، مَن هو؟ فقال الأكثرون: جبريلُ. وقال بعضُهم: محمدٌّ صلى الله عليه وسلم ــ فاقتصرَ الزمخشريُّ على القولِ الأولِ، ثم قال

وناهيكَ بهذا دليلًا على جَلالةِ مكان جبريلَ وفَضْلِه على الملائكةِ ومَبانةِ[6] منزلته بمنزلة أفضل الإنس محمد صلَّى الله عليه وسلَّم، إذا وازنتَ بين الذكرَيْن حين قرنَ بينهما، وقايَسْتَ بين قوله: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ﴾ [التكوير: 19-21]، وبين قوله: ﴿وَمَا ‌صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ﴾ [التكوير: 22][7]

فطرحْتُ «الكشافَ» من يدي، وأخرجتُه مِن خَلَدِي[8]، ونويتُ أن لا أقرأَه، ولا أنظرَ فيه إنْ شاءَ اللهُ تعالى، وكان ذلك يومُ البون[9] من إقْرائي لي يومَ الثلاثاء رابعَ عشر جمادى الآخرة سنة أربعٍ وخمسين وسبع مئة[10]

وذلك لأنِّي أحبُّ النبي صلى الله عليه وسلم وأُجِلُّه بحسبِ ما أَوْصَى اللهُ مِن محبَّته وإجلاله، وامتنعتُ مِن هذه الموازنةِ والمُقايسة التي قالها الزمخشريُّ

وهَبْ أنَّ الملائكةَ أفضلُ مِن البشر كما تقول المعتزلةُ، أَمَا كان هذا الرجلُ يستحْيي مِن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنْ يذكرَ هذه المُقايسةَ بينه وبين جبريل بهذه العبارةِ؟

والذي أقولُه أنَّ كتابَ الله المُبين لا مراء فيه، وفيه: ﴿وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا﴾ [النور: 54]، ﴿إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي﴾ [آل عمران: 31]، ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: 21]، ﴿قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [النساء: 170]، وغير ذلك ممّا القرآن طافحٌ به وبتعظيمه

وأنا واحدُ الناس، كلُّ ما أنا فيه مِن خيرٍ مِن أُمور الدنيا والآخرة مِن الله تعالى بواسطةِ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، وأعلمُ أنَّ اللهَ تعبَّدني بذلك، ومَقامُ جبريلُ صلى الله عليه وسلم مقامٌ عظيمٌ، قُوانَا وعلومُنا تقصُرُ عنه، والنبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يعلمُه أكثرَ مِنَّا، فما لنا وللدخولِ في هذا المكانِ الضَّيِّقِ، ولمْ يكلِّفْنا اللهُ بذلك

فحسبُ امرئٍ إذا لم يعترفْ بفضلِ المَلَك على البشرِ، ولا البشر على المَلَك، أن يتأدَّبَ ويَقِفَ عند حَدِّه، ويُعَظِّمَ كلًّا مِنهما كما يجبُ له مِن التعظيم، ويكفَّ لِسانَه وقَلْبَه عن فضولٍ لا يعنيه، ولم يكلَّفْ به، ولا بعلمِه، ويقدِّرَ في نفسِه أنَّ هذَيْن المخلوقَيْن العظيمَيْن حاضران، وهو بين أيديهما ضَئيلٌ حقيرٌ، والله تعالى رابعُهم، وهو عالمٌ بما تُخْفِي الصدور، نسأل اللهَ العصمةَ والسلامةَ بمَنِّه وكرمه

وجمهورُ أهل السنةِ على أنَّ الإنسانَ أفضلُ مِن الملائكةِ، وعلى أنَّ محمداً صلى الله عليه وسلم أفضلُ الخلقِ، وبذلك قال صاحب «التنبيه»[11]، وصلَّى الله على سيدنا محمدٍ خيرِ خلقِه

وجمهورُ المعتزلةِ على أنَّ الملائكةَ أفضلُ

وهذه المسألةُ ممَّا لم يكلّف اللهُ العبادَ معرفتَها حتى لو أنَّ إنساناً لم تخطرْ هذه المسألة بباله طولَ عمرِه وماتَ، لم يسألْه اللهُ عنها، فالسكوتُ عنها أسْلَمُ، والقولُ بأنَّ محمدًا سيدُ الخلق ينشرح الصدر له، وهو الذي نعتقدُه بأدلةٍ وفَّقنا اللهُ لها، ولا نقول إنَّه يجبُ على كلِّ أحدٍ أن يعتقدَ ذلك، لأنَّ علمَه قد يقصر عنه، وإنَّما عليه أنْ يكفَّ لسانَه و قلبَه عن خِلافه وعمَّا لا يَعْنيه فضلًا عمَّا يجرُّه إلى شيءٍ آخرَ. نسأل الله العافية


[1] هذه الترجمة مقتطفات من ترجمة ولده تاج الدين السبكي لأبيه في كتابه «طبقات الشافعية الكبرى» 10/ 139-317

[2] الدرر الكامنة 4/ 76

[3] انظر: طبقات الشافعية الكبرى 10/ 307

[4] هو علم الدين عبد الكريم بن علي بن عمر الأنصاري العراقي الشافعي: مقرئٌ وكان له في التفسير اليد الباسطة وصنَّف فيه كتاب «الإنصاف في مسائل الخلاف بين الزمخشري وابن المنير». أخذ عنه التفسير الشيخ تقي الدين السبكي وكان من شيوخ أبي حيان، وتوفِّي سنة: 704هـ. انظر: طبقات الشافعية 10/ 95

[5] هو شمس الدين، أحمد بن إبراهيم بن عبد الغني السروجي، تفقَّهَ على مذهب أحمد، ثم تحوَّل حنفياً، كان بارعا في علوم شتى، من كتبه: «الغاية في شرح الهداية» لم يكمله، انتهى فيه إلى كتاب الأيمان في ست مجلدات ضخمة، تكلم فيه على الأحاديث، وعللها، و«الرد على ابن تيمية» في علم الكلام، توفي بمصر سنة: 710هـ. انظر: تاج التراجم 1/107، وسلم الوصول 1/114

[6] في مطبوع الكشاف: «مباينة»

[7] الكشاف 4/ 712

[8] و«الخلد» بفتحتين: البال، يقال: وقع ذلك في خَلَدي أي: في قلبي

[9] يومُ البون: يوم الانفصال

[10] خلاصة ما قاله تقيُّ الدين السّبكيُّ في الانكفاف عن إقراء الكشاف: قد رأيتُ كلامَ الزَّمخشريّ في قوله تعالى: ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ﴾ [التوبة: 43]، وكلامَه في سورة «التحريم» وقد تكلَّم في الزلة، وفي سورة «التكوير» عند قوله تعالى ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ﴾ [التكوير: 19] وغير ذلك من الأماكن التي أساء أدبَه فيها على خير خلق الله تعالى، سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعرضتُ عن إقراء كتابه حياءً من النبي صلى الله عليه وسلم، مع ما في كتابه من الفوائد والنكت البديعة

[11] هو أبو إسحاق الشّيرازيّ الفيروزاباديّ، إبراهيم بن عليّ بن يوسف، شيخ الشّافعيّة في زمانه، فكان مرجع الطلاب ومفتي الأمة في عصره، واشتهر بقوة الحجة في الجدل والمناظرة. وبنى له الوزير نظام الملك المدرسة النظامية على شاطئ دجلة، فكان يدرّس فيها ويديرها. من تصانيفه «التنبيه» و«المهذب» في الفقه، و«التبصرة» في أصول الشافعية، توفي سنة: 476هـ. انظر: وفيات الأعيان 1/29، وسير أعلام النبلاء 18/ 452

İlgili Makaleler

Bir yanıt yazın

E-posta adresiniz yayınlanmayacak. Gerekli alanlar * ile işaretlenmişlerdir

Başa dön tuşu